عدد الرسائل : 356 العمر : 38 العمل/الترفيه : استاذ لغة عربيه اعلام الدول : مزاجي : المهنة : الهواية : تاريخ التسجيل : 25/11/2009
موضوع: صباح فلسطين " قصة لفيصل الزوايدي ( تونس) الأحد يناير 31, 2010 1:45 am
صــبــاح فـلسطـيــن
تشرِقُ الأَرضُ في هَذا اليَومِ ، كَعادَتِـها كُل يَومٍ ، إِشراقًا تنالُ الشمسُ مِنهُ شيئًا يَسيرًا فتسطَعُ مُضيئَةً بقِيَّةَ بِقاعِ الدنيا .. لا نَكادُ نُصدِّقُ ما يَـحدثُ هنا لَكِنَّ العجيبَ أَنَّنَا نَراهُ دائِمًا و الأعجَب أَنَّنا نَتآلفُ مَعَهُ .. كانَ يَومًا عادِيًّا ، أَعني أنَّه عادِيٌّ في اِستِثنائِيَّةِ ما يَقَعُ فيه ، تَطَأُ الأرضَ قدَمان في نعلٍ مَطاطي أصفَرَ اللونِ ترفعانِ جَسَدًا مُـمتلئا بعض الشيء يعلوه رأس كثير الالتفات ، الـجلباب الأسود الـمزركش يتجرجر على التراب كأنه يشد صاحبته إلى الأرض أكثر ، تـمسك في يدها كيسا ثقيلا ما كان أثقل من همٍّ انفجر فجأة عندما لاحت لعينيها الـمتيقظتين أشباح ترتدي ثيابا ترابية اللون تلتمع خوذهم تـحت ضوء الشمس الـحائرة ألـمـا كيف يتساوى البشر في الـحصول على نورها .. يغلقون الطريق بـحواجز إسـمــنتية . لعنتهم من قلبها الساذج ذي خفقات الرعب الـمشوب بالقهر و الـحذر .. انعطفت نـحو مسلك ترابـي حجري ضيق تـحاشيا لـملاقاة تلك الوجوه الكريهة و فظاظتها .. احتاجت أن تصعد هضبتين و تنزل واديا .. احتاجت أن تستعين بطفل مارٍّ أمامَها عند نزولـها من منحدر حاد .. لـم تفعل أكثر مـما كان يفعل عشرات من الـمشاة مثلها ، وحدها خفة الـحركات كانت تـختلف بـحسب السن و الـمرض و الأثقال فيحتاج .. لاح لـها حقلها من بعيد تقاوم أشجاره العنيدة مثلها الـموت و أعوانه .. لـم تكن الأحذية الثقيلة وحدها تـحاول الفتك بـها .. كان جيرانـها و أقاربـها أيضا يفتكون منها دورات الري .. حاولت إقناعهم كثيرا بالعدل في توزيع الـماء .. يعدونـها بالـموافقة لكنهم يـماطلون و يسرقون و يـحتالون .. لا تزال تذكر بألـم يوم شج ابنها رأس أحد جيرانـها فاختلط الدم بالـماء في مزيج بغيض .. شديد القسوة أن تـحتاج إلى إسالة الدم حتى تـحصل على الـماء و الأشد قسوة أن ماء لا يسيل إلا متى نزفت دماء كثيرة .. كثيرة أكثر مـما يعتقد الناس أنـهم قادرون على التحمل و الدفع .. لاح لـها شبح جارها صفوان و هو يصلي ، إنه كثير الصلاة و لكنه كثير إنكار حقها أيضا .. قالت في نفسها : ما نفع صلاتك إذا كنت تظلم متعمدا أرملة عجوزا مثلي ؟ اقتربت من الـحقل ، كانت زوجة ابنها منهمكة في صراع مع أحد أجداء الـماعز كي تستطيع حلب أمه .. و ابنها الصغير غير بعيد عنها يلهو بوعاء بلاستيكي فارغ .. استقبلتها الـمرأة : أهلا خالتي صباح .. قبلتها و عيناها تبحثان خلفها : أينَ ذَهَبَ زوجُك؟ .. أجابتها و هي تنتزع الـجدي عن ثدي أمه : قصد المدينة لإحضار اللوازم الـمدرسية لياسين .. جلست العجوز و قالت : ليته لـم يفعل فالأوغاد يغلقون الطرق .. ثـم أضافت و هي تستخرج من الكيس قطعة خبز تقدمها إلى الصبي الذي وقف إلى جوارها : نـحمد الله أن الـهواء يـمر إلينا دون الـحاجة إلى إذنـهم .. و تـمتمت داعية بعودة ابنها سالـما : لو يدرك الأبناء كم تـخفق القلوب الرواهف خوفا .. تأخر الابن في العودة حقا .. ليزداد وجيب قلب الأم ، ترتفع ضرباته تنهك صدرا تعاورته الـمصائب .. تنتقل عدوى الـهلع إلى الزوجة .. طالت الأوقات و عبثت الساعة ببرود عجيب بأعصاب السيدتين ..و لكن رحـمة بـهما أَهلَّ الابن من بعيد في أول الطريق بـحماسه الـمعتاد يـحمل كيسا بيمينه و مـحفظة بشماله رأى السيدتين و لعله أدرك ما هـما فيه من الفزع فرفع يده بالـمحفظة و صاح : ها قد عدتُ .. تنفستا بعمق و نظرتا إلى بعضهما بفرح حقيقي كأنـهما خجلتان من مشاعر تدفقت دون موجب .. اقترب الأب فأسرع إليه صغيره ياسين يستقبله .. هذا هو ما يقع عادة في هذه الأرض : ارتفع صوت مـميز قصير جدا فسقط ولد صغير يـمسك بيمينه مـحفظة .. ارتفعت ضجة أصوات لا تكاد تتبين فيها إلا عويلا أو زغرودة مـجروحة .. خَجِلَت الشمسُ مِـمـا يَقَعُ تَـحتَ ضَوئِها فَأسرَعَت بِارتِباكٍ تُلَملِمُ أَشِعَّتَها و تَتَوارى خَلفَ جَبَلٍ ، جَبَلٍ مُرتَفِعٍ لَكِنَّهُ لَـم يَكُن أَكثَرَ شُـموخًا مِن قامَةِ اِمرَأَةٍ واقِفَةٍ عِندَ جُثمانِ صَبَيٍّ صَغيرٍ يَكادُ الـحُزنُ يُوقِعُها أَرضًا لَكِنَّها لا تَقَعُ و لَن تَقَعَ أبدًا لأنَّ الغَضَبَ يَرفَعُ لَـها هامَةً أَعلى بِكَثيرٍ مِن أَقزامِ الـمَوتِ ..
نديم الليالي عضو الماسي
عدد الرسائل : 1002 العمل/الترفيه : محامي اعلام الدول : مزاجي : المهنة : الهواية : تاريخ التسجيل : 14/08/2009
موضوع: رد: صباح فلسطين " قصة لفيصل الزوايدي ( تونس) الأحد يناير 31, 2010 2:58 am
يا الله كم هو متعب وشاق هذا الصباح وكم كانت نهايته اشد الما هذه العبارة استوقفتني وجعلتني اشعر بمدى المعاناة نحمد الله ان الهواء يمر الينا دون الحاجه الى اذنهم اللهم دمر اليهود وانصر اخواننا المسلمين شكرا اخي عمر ابدعت في سرد القصة بروعة اسلوبك دمت بود
العصماء المدير العام
عدد الرسائل : 7753 اعلام الدول : مزاجي : الهواية : تاريخ التسجيل : 10/09/2008
موضوع: رد: صباح فلسطين " قصة لفيصل الزوايدي ( تونس) الأحد يناير 31, 2010 3:34 am
إنه صباح ليس ككل الصباحات
ولكنه في تلك البقعة من المكان
كان صباحآ معتادآ
صباح الصمود وإحتمال الألم صباح
الحب والخوف المتشرب في الأعماق
صباح يحمل الكثير من الأقدار المنتظره
عمر
رسمت بقلمك فترة وجيزه من الزمن
ولكنها عبرت وحكت
تاريخ شعب ،،،
وماض ومستقبل وحاضر
جمعت في صباح واحد مأساة ملايين وحلم ملايين ومصير معظمهم
لله درك كيف نقلت الروح لتتقمص
شخصياتك وتبكيها
لتطل على وطن رسمته في خطى أم وفي
فرحة طفل وفي صمود امرأه
الذي لم يزلزله الموت
فكيف يخاف أولئك الموت ويبكوه
وقد أعتادوه وحفظوه
أكثر من اعتيادهم أسماؤهم
قصة لاتعبر عنها المفردات وإن حاولت
ملهمه ، ، معبره
وأكتفي بذلك رغم انطلاق جيوش المشاعر
داخلي يدفعني لقول المزيد مما قد يليق بمقام إبداعك
تقبل إعجابي وأحترامي
وصباحك ورد " وصباح وطني حب
طائر الفينيق عضو الماسي
عدد الرسائل : 929 العمل/الترفيه : muzk اعلام الدول : المهنة : تاريخ التسجيل : 14/10/2008
موضوع: رد: صباح فلسطين " قصة لفيصل الزوايدي ( تونس) الأحد يناير 31, 2010 2:05 pm