وها قد أتت الفرصة لكي نُجدد إيماننا ونتقرَّب إلى الله عزَّ وجلَّ .. إنه يوم عرفة، أعظم يوم في أعظم أيـــام الدهر ..
فيوم عرفة يوم تُجاب فيه الدعوات وتُقال فيه العثرات .. يوم عظَّم الله أمره ورفع على الأيام قدره ..
فهو أعظم فرصة للعتق من النيران .. وعن عائشة قالت: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "ما من يوم أكثر
من أن يعتق الله فيه عبدا من النار من يوم عرفة وإنه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة فيقول ما أراد هؤلاء" [رواه
مسلم] .. فنسأل الله تعالى أن يعتق رقابنا من النار،،
ولكن لن ينال هذه الجائزة العظيمة إلا من أخرج الدنيا من قلبه وجعل همَّه همَّا واحدًا، ألا وهو همّ الآخرة.
يوم عرفة .. فضائـــل وأعمـــال
الفضيلة الأولى: هو اليوم الذي أكمَّل الله تعالى فيه الدين وأتمَّ علينا نعمته ..
عن طارق بن شهاب عن عمر بن الخطاب: أن رجلا من اليهود قال له: يا أمير المؤمنين آية في كتابكم تقرءونها لو
علينا معشر اليهود نزلت لاتخذنا ذلك اليوم عيدا، قال: أي آية؟، قال: { .. الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ
نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ..} [المائدة: 3]، قال عمر: قد عرفنا ذلك اليوم والمكان الذي نزلت فيه على النبي
صلى الله عليه وسلم وهو قائم بعرفة يوم جمعة. [صحيح البخاري]
فيوم عرفة هو يوم عيد للمسلمين .. عن عقبة بن عامر قال: قال رسول الله صلى الله ليه وسلم "يوم عرفة ويوم
النحر وأيام التشريق عيدنا أهل الإسلام وهي أيام أكل وشرب" [رواه الترمذي وأبو داوود والنسائي وصححه
الألباني]
وحيث إنه عيد، فيلزم منا عبوديتــــان ..
1) عبودية الشكر .. فعليك أن تلهَّج بالحمد والثناء على الله تعالى طوال الوقت، شكرًا لله عزَّ وجلَّ على أن بلغك يوم
العتق الأكبر على الرغم من عدم استحقاقك لذلك.
2) عبودية الفرح .. قال تعالى {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ} [يونس: 58] ..
وعندما يمتلأ القلب فرحًا بفضل الله، يُسكب فيه حُب الرحمن فيطهُّر القلب.